الخميس، 22 مارس 2012

بن زريق ويتيمته الرائعة




السلام عليكم أخواتي الكريمات سندخل من باب آخر من أبواب الشعر الفصيح ومن موطنه الأصيل وعصره البديع العصرالأموي

الذي امتاز بتنوع الشعر وازدهر فيه بشكل كبير. وكان أكثر الشعراء في بداية العصر الأموي ينتسبون في معظمهم إلى القبائل العربية الشهيرة التي قدمت من شبه الجزيرة العربية كالأخطل والفرزدق وجرير. ولعل أهم ما في هذه الفترة من عوامل أثرت على الشعر كان الرعاية الرسمية له من قبل الخلفاء والأمراء وقادة الجيش وأيضا وجهاء القبائل. فساعدت هذه الرعاية على توسيع الرقعة الجغرافية لانتشار الشعر وأيضا تطور مواضيعه وأدواته. فكانت العطايا حافزا مهما في ظهور قصائد المدح الجليلة وأيضا في إعطاء شعرالغزل صفات أكثر خصوصية مما كانت عليه في الفترة السابقة.



اليوم سنسلط الضوء على شاعر من شعراء هذا العصر شاعرنا هو :
تعريف الشاعر :

أبي الحسن علي بن زريق الكاتب البغدادي ويتيمته الرائعة
هو ابو علي الحسن بن زريق الكوفي وكنيته ابوالحسن ابن زريق البغدادي420 هـ / 1029 م
، سكن بغداد وعمل كاتباً في ديوان الرسائل، وهو شاعر مقل، ولم يعثر له من الشعر إلا على قصيدته العينية (لا تعذليه) وقد اهتم الأدباء بهذه القصيدة فعارضها عدد من الشعراء قديماً وحديثاً.
هذه القصيدة من أجمل الشعر العربي، فقد عجّت بالصور والشجن وجزالة اللفظ، ونغمة النظم، وحلو التعبير. فهي من القلب إلى القلب. وستجد على مر العصور قلوباً تستقبلها، وقد وقعت على أوتارها بنغم تجاوز حتى عذب نغمها في الأذن.

تعبّر هذه القصيدة عن قصة حب وإلفة فرّقت الهجرة فيها بين زوجين، وهو ما ينطبق على كل هجرة حين تفرّق بين الأم والأب وأولادهما، أو إذ تفرّق بين الأشقاء، أو في ما بين الأصدقاء، أو بين المرء ووطنه


وهكذا حدث لابن زريق ما كان منه جزعاً خائفاً ، فقد طال الفراق ووقع الموت قبل أن تنتهي هذه الهجرة. فكل مهاجر يظن أن هجرته قصيرة، وانه سيعود إلى من يحب، وانه لن يفجع بأحد محبيه، أو يفجع محبّوه به. ولكن من يتحقق حلمه أو ظنه فهم القلة. فقصيدة ابن زريق كما يُرْوى يتيمة، وهي بالتأكيد، ولكن لا يمكن أن تكون الوحيدة إلاّ بفقد شعره. لأن من يكتب هذه القصيدة، وبهذا المستوى يكون شاعراً فذاً له مع الشعر باع طويل، وتجربة ممتدة.

ويُروى بأن قصة ابن زريق وقصيدته هذه بأنها وجدت تحت وسادته وكان قد فارق الحياة، ولهذا تكون آخر ما قاله، وهو يشعر أن منيّته قد دنت.

هذه القصيدة يُنصح بحفظها، خصوصاً، من قِبل من يحبون الأدب والشعر أو يتطلعون إلى امتلاك القدرة الشعرية فهي نموذج لشعر فذّ لا يبلى مع الأيام ويصعب الوصول إلى مثله.









مناسبة القصيدة :


نظم هذه القصيدة أبو الحسن علي بن زريق البغدادي بعد وجد وفقد واشتياق لرفيقة دربه التي انقطعت بينه وبينها حبال الوصال حيث كان له ابنة عم أحبها حبًا عميقًا صادقًا, ولكن أصابته الفاقة وضيق العيش, فأراد أن يغادر بغداد إلى الأندلس طلبًا للغنى, وذلك بمدح أمرائها وعظمائها،ولكن صاحبته تشبثتْ به, ودعته إلى البقاء حبًا له, وخوفًا عليه من الأخطار, فلم ينصت لها, ونفَّذ ما عَزم عليه، وقصد الأمير أبا الخيبر عبد الرحمن الأندلسي في الأندلس, ومدحه بقصيدةٍ بليغة جدًا, فأعطاه عطاءً قليلاً، فقال ابن زريق- والحزن يحرقه-: "إنا لله وإنا إليه راجعون, سلكت القفار والبحار إلى هذا الرجل, فأعطاني هذاالعطاء القليل؟!".


ثم تذكَّر ما اقترفه في حق بنت عمه من تركها, وما تحمَّله من مشاقٍ ومتاعب, مع لزوم الفقر, وضيقِ ذات اليد، فاعتلَّ غمًّا ومات.

وقال بعض مَن كتب عنه إنَّ عبد الرحمن الأندلسي أراد أن يختبره بهذا العطاء القليل ليعرف هل هو من المتعففين أم الطامعين الجشعين, فلما تبيَّنت له الأولى سأل عنه ليجزل له العطاء, فتفقدوه في الخان الذي نزل به, فوجدوه ميتًا, وعند رأسه رقعة مكتوب فيها هذه العينية.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق