الخميس، 22 مارس 2012

أرحامنا تشتكي للرحمن





صلة الرحم بين مفرط ومقصر




قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا

(النساء: 1)

صلة الرحم كلمة يعرفها القاصي والداني ويعي معناها الصغير والكبير تتردد على الألسن لكن ...في هذا الزمن باتت هذه الكلمة ضيقة المعنى من حيث التطبيق والتأدية وسط شواغل الحياة وبين والوسائل التقنية الحديثة ومع جفاء القلوب وقسوتها والغفلة الشديدة عن فضلها الكبير وجزائها الواسع
الصلة : كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم وتفقدهم حتى وإن بعدوا أو أساؤوا
وقطع الرحم ضد ذالك كله .


عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن أعرابي عرض للنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره فقال : ( أخبرني ما يقربني من الجنة ويباعدني من النار .قال : تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم )
وقال الإمام القرطبي رحمه لله :الرحم التي توصل عامة وخاصة , فالعامة رحم الدين وتجب مواصلتها بالتودد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة و وأما الرحم الخاصة فتزيد النفقة على القريب وتفقد أحوالهم والتغافل عن زلاتهم انتهى كلامه
وقال ابن أبي جمرة : كيف تكون صلة الرحم
تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضرر وبطلاقة الوجه والدعاء




والمعنى الجامع : إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة وهذا يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة وإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم ثم إعلامهم وإذا أصروا على ذالك بسبب تخلفهم عن الحق فلا يسقط مع ذالك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطرق المثلى
إذا أخواتي الكريمات يفهم من هذا الكلام أن الصلة هي:أن تبقي حبل المودة موصولا بينك وبين أقاربك
أما الزيارة فتكون حسب الحالة والقدرة والمسافة والظرف
لقوله عليه السلام صل رحمك :قال أهل العلم : أي قرابتك وصلتهم تختلف باختلاف حال الواصل فتارة تكون بالإحسان وتارة بالسلام وتارة بالزيارة ونحو ذالك ...ٌ قاله النووي
أخواتي الكريمات اعلمن أن صلة الرحم من محاسن الأخلاق التي حث عليها الإسلام وداعا إليها وحذر منها وحذر من قاطعها فقد دعا عزوجل عباده بصلة الرحم في تسعة عشر آية من كتابه الكريم وحذر من قطيعة الرحم وتوعد صاحبها باللعن في ثلاث آيات
لهذا حرص الصالحون من سلفنا رضوان الله عليهم أجمعين على صلة أرحامهم رغم صعوبة وسائل الإتصال
أما نحن رغم عصر التكنولوجيا والتطور الذي وصلنا إليه ورغم تعدد وسائل الإتصال بمختلف أنواعها السمعي والبصري والسمعي البصري في آن واحد إلا أننا نجد أنفسنا قد ضيعنا وفقدنا هذا الجانب المهم من حياتنا اليومية



صلة الرحم الإلكترونية


نعم صلة إلكترونية مصطلح جديد في عالم الشبكة العنكبوتية


اليوم الحمد لله يمكننا أن نصل أرحامنا عبر الهاتف إذا تعذر علينا زيارتهم لأسباب البعد أو أسباب أمنية كما هو الحال في الأسر الفلسطينية .وكذالك يمكننا أن نصل الرحم عبر المسنجر بحيث نرى أهالينا ونسمع صوتهم ونتمتع برؤيتهم عن كثب



عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ك بلوا أرحامكم ولو بالسلام ...حسنه الألباني في صحيح الجامع
إذا العالم اليم أصبح قرية صغيرة و الوسائل الحديثة كان لها بارزا في تقريب البعيد والسؤال عن الأهل والأحباب
وأخيرا رغم كل ما سيق من الكلام ...
هل الوسائل الإلكترونية الحديثة تفي بالغرض وتغني عن صلة الأرحام بالزيارة
أنا في رأي لا تكفي ولا تفي بل تخفف من شدة الشوق للأهل والأحباب فحسب . لأن الزيارة تزيد المودة وتحسسك أكثر بأهلك وتتفقد أحوالهم عن قرب بعين البصر والبصيرة
والتلاقي يزيد من الألفة والمحبة وحرارة التصافح تسقط الذنوب وزيارة الأخ لأخيه في بيته تفعل ما لا يفعله الهاتف ولا المسنجر من ألفة ومودة وتراحم ومع هذا التطور يضن الإنسان أن هذه الوسائل تغني عن الصلة بالزيارة هذا وهم وعين الخطأ بل الرحم هي أول من سيشتكي إلى الله هجر الناس وقطيعتهم لها مع وجود هذه الوسائل ذات الحدين

وهنا أسوق لكن النصوص الشرعية في قاطع الرحم

قال تعالى ( فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) . سورة محمد .

قال تعالى ( وما يضل به إلا الفاسقين (26) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به ان يوصل ويفسدون في الارض أولئك هم الخاسرون ) سورة البقرة

عن عائشة رضي الله عنها قالت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الرحم معلقة بالعرش تقول ،من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ) رواه البخاري ومسلم .

قال على بن الحسين لولده ..( يا بني لا تصحبن قاطع الرحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاث مواطن .)
أخواتي أضن أني قد أطالت كثيرا في الموضوع وتجاوزت الأسطر المحددة لكن الموضوع بالغ الأهمية والخطورة وأنا أجد نفسي هنا مقيدة بعدد السطور لأن هناك جوانب عدة لم نتطرق لها هنا مثلا كيف تكون الصلة مع الكفار والفجار وبين الشعوب بعضها مع بعض


فحري بنا أخواتي الكريمات أن نصل أرحامنا لأن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله
إذا أخواتي فلنتحاور

-أين نحن من هذه السنة الإجتماعية ؟
-وهل الخلافات العائلية تجعلنا قطاع لأرحامنا ؟
- وهل الوسائل الإلكترونية كافية للصلة في نظرك ؟
-وكيف نغرس صلة الأرحام في أبنائنا ونحثهيم عليها ؟

وأخيرا الله نسأل أن يوفقنا لنكون واصلين غير قاطعين لأرحامنا وأن يغفر لنا زللنا وتقصيرنا وأن يتجاوز عنا
إنه ولي ذالك والقادر عليه
والله المستعان



بقلم أم حازم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق